د.باسم علي خريسان
تتميز النظم الديمقراطية عن النظم غير الديمقراطية بتوزيع السلطة ، في محاولة منها للحد من احتكارها من طرف معين وذهاب بها نحو ممارسة الاستبداد وانتهاك حقوق الانسان، هذا التوزيع للسلطة تمثل في تأسيس ثلاثة مؤسسات يمارس كل منها جانب من جوانب السلطة (التشريعي والتنفيذي والقضائي)، وبالتالي يساهم ذلك في بناء دولة مؤسساتية ، واذا كان دور السلطة التشريعية والتنفيذية مهم في بناء دولة مؤسساتية مستقرة ، فان دور السلطة الفضائية لا يقل عن ذلك لا بل قد يكون الركن الاساسي في المحافظة عليها ، كون مسؤولية السلطة القضائية هي المحافظة على تطبيق الدستور و القانون والحيلولة دون انتهاكه بواسطة اي طرف في الدولة ، فالسلطة التشريعية حتى ان كانت منتخبة من الشعب وتستند الى اسس ديمقراطي قد تشرع قانون يخالف الدستور الامر الذي يتطلب وجود قضاء دستوري يمنع حدوث ذلك، والسلطة التنفيذية هي الاخرى قد تذهب الى التعسف في استخدام السلطة الامر الذي يتطلب وجود قضاء اداري يحد من ذلك ،فضلاً عن وجود قضاء عادي يساهم في حماية الفرد و المجتمع من اي تهديد امني او اجرامي يتعرض له .
عند الحديث عن المؤسسة القضائية في العراق في مختلف اصنافها الدستورية والادارية والعسكرية والامنية والجنائية و ..الخ ، ودورها في بناء دولة مستقرة ، نجد بان المؤسسة القضائية في العراق كغيرها من مؤسسات الاخرى كانت انعكاس للواقع العراق بكل جوانبه فمنذ تاسيس المؤسسة القضائية في بدايات القرن العشرين في العام1918 علي يد البريطانين الى يومنا هذا ، نجدها تتاثر بواقع السياسي العراق فمن قضاء يعيش مرحلة التاسيس والبناء خلال العهد الملكي حيث صدر قانون ينظم شؤونه هو القانون رقم (31) لسنة 1929 (قانون الحكام والقضاة) حيث عالج هذا القانون تعيين القضاة وترفيعهم ونقلهم فكان بحق أول مكسب للقضاء عزز مكانته واستقلاله , ثم توالت القوانين التي تنظم شؤون القضاة جراء الكفاح المستميت من القضاة لتثبيت مكانة القضاء واستقلاله ومنها القانـون

رقم (39) لسنة 1929 والقانون رقم (68) لسنة 1943 والقانون رقم (27) لسنة 1945 وبموجبه بدأت خطوة متواضعة على طريق استقلال القضاء حيث أخذت بعض شؤون القضاة تدار بواسطة لجنة من القضاة ومن موظفي وزارة العدل, ووضع في القانون بعض الضمانات لقاضي ومنها عدم جواز توقيفه إلا بعد الحصول على أذن من وزير العدل. وبعده صدر القانون رقم (58) لسنة 1956 ليعزز بشكل أوسع من استقلال القضاء ورفع مكانة القضاة الاجتماعية حيث أصبح رئيس محكمة التمييز بدرجة وزير ورفعت رواتب القضاة بشكل ملموس ،اما في العهد الجمهوري وفي عام 1963 صدر القانون رقم (26) لسنة 1963 قانون السلطة القضائية ولأول مرة يعترف بموجبه بكون القضاء سلطة تقوم إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية وتدار هذه السلطة بواسطة مجلس قضاء يرأسه رئيس محكمة التمييز وهذه المحكمة هي أعلى هيئة قضائية في العراق. لكن هذا الامر لم يستمر طويلاً حيث صدر قانون وزارة العدل رقم (101) لسنة 1977 وبموجبه الغي (مجلس القضاء) ليحل محله مجلس العدل، الذي يرأسه وزير العدل، وبذلك فقد القضاء استقلاليته فلم يمارس دوره إذ أصبحت السلطة التنفيذية ممثلة بوزير العدل مهيمنة عليه وحسب نظرياتها السياسية ما شكل انعطافة خطيرة وحادة في تاريخ القضاء العراقي وقد استمر الحال حتى تغيير النظام السياسي في العام 2003 ، حيث تم تاسيس مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية ، لنكون امام مرحلة تاريخية جديدة للسلطة لقضائية تكون فيها السلطة القضائية مستقله نسبياً عن السلطة التنفيذيه ولم يقتصر الامر عند ذلك حيث تعززت استقلالية المؤسسة القضائية عن السلطة التنفيذية اكثر عندما تم نقل ادارة معهد القضاء من وزارة العدل الى مجلس القضاء الاعلى وفقا للقانون رقم (70) لسنة 2017 ، فضلاً عن ذلك تم فصل القضاء الاداري هو الاخر عن السلطة التفيذية وذلك من خلال تأسيس مجلس الدولة وفقا للقانون رقم (71) لسنة 2017 ليكون بديلاً عن مجلس شورى الدولة الذي كان تابع لوزارة العدل ،كذلك مع صدور قانون مجلس القضاء الاعلى رقم (45 ) لسنة 2017 والذي الغى امر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم (35) لسنة 2003 اسهم ذلك في تحديد رئاسة السلطة القضائية في العراق بعد ان كانت متداخلة مع المحكمة الاتحادية العليا ، ومن اجل ان يكتمل معمار السلطة القضائية في العراق كان لابد من تأسيس جهاز الادعاء العام والذي تحقق بصدور قانون جهاز الادعاء العام (49) في العام 2017 ،الذي من مهامه اولاً:(حماية نظام الدولة وأمنها والحرص على المصالح العليا للشعب والحفاظ على اموال الدولة والقطاع العام.)،ثانيا: دعم النظام الديمقراطي الاتحادي وحماية اسسه ومفاهيمه في اطار احترام المشروعية واحترام تطبيق القانون، وبعد المظاهرات الاحتجاجية الاخيرة التي طالبت بان يكون للموسسة القضائية دوراً في ادارة ملف الانتخابات ، وهذا ما حصل بالفعل فمع صدور قانون رقم (31) لسنة 2019 تم تأسيس مفوضية انتخابات جديدة تكون ادارته بواسطة تسعة القضاة تم اختيارهم بواسطة مجلس القصاء الاعلى لتكون الموسسة القضائية مسوولة بصورة غير مباشرة على ادارة اهم واخطر ملف في بناء دولة في العراق الا وهو ملف الانتخابات. وبذلك اصبحت السلطة القضائية نسبيا مؤسسة تمتلك البنية المطلوبة للممارسة الدور المطلوب منها في تعزيز وتقوية بنية الدولة العراقية بعد العام ،2003، ولاينقصها الا اصدار قانون المحكمة الاتحادية العليا والتي تعتد احد اهم اركان بناء دولة مستقرة في العراق حيث لاتزال تمارس دورها وفقا للقانون ادراة الدولة للمرحلة الانتقالية وقانون رقم 30 لسنة 2005 .
سؤال الذي يطرح هل تمكنت السلطة القضائية في تحقيق الدور المطلوب منها في بناء الدولة واستدامة الاستقرار فيها بعد العام 2003؟ ، الجواب سوف يكون مختصر ،ان السلطة القضائية كغيرها من مؤسسات الدولة العراقية تعيش ذات التحديات والمعوقات العديدة لمرحلة بناء الدولة بعد العام 2003 ، وما اسهمت بها هذه السلطة في بناء دولة تتسم بالاستقرار وتحترم حقوق الانسان وتطبق القانون ، لايمكنا القول بانه كان ضعيفاً او معدوم وانما نقول كان مؤثراً لكن لم يكن بالمستوى المطلوب منها وبالاخص كونها صمام الامان المسوول على تطبيق الدستور و حماية القانون في العراق .

هيكل النظام القضائي العراقي
اولاً:النظام القضائي
ولاً . القضاء العادي :-
مجلس القضاء الاعلى : وهو الجهة الادارية العليا للقضاء العادي ومقره في العاصمة بغداد ويختص بادارة القضاء العادي ويتكون من (20) قاضي هم :-
1.​الرئيس ( رئيس محكمة التمييز) .
2.​نائب الرئيس ( نائب رئيس محكمة التمييز ) .
3.​رئيس الادعاء العام .
4.​رئيس هيئة الاشراف القضائي .
5– (16) رئيس محكمة استئناف .
(1) محكمة التمييز :
هي محكمة واحدة في العاصمة بغداد وتعتبر أعلى هيئة قضائية في القضاء العادي تتكون من رئيس و (26) قاضي حالياً وتختص بتدقيق القرارات الصادرة في جميع المحاكم الجنائية والمدنية ومحاكم العائلة ورئيسها هو رئيس مجلس القضاء الاعلى ونائب رئيس المحكمة هو نائب رئيس مجلس القضاء الاعلى .
(2) نائب رئيس محكمة التمييز :
يحل محل رئيس محكمة التمييز ورئيس مجلس القضاء الاعلى في حال غيابه لاي سبب.
(3) الادعاء العام :
مقره في بغداد ويرأسة رئيس الادعاء العام ويتبع له اعضاء الادعاء العام الموجودين في جميع المحاكم في العراق (مهمة الادعاء العام مراقبة القرارات التي تصدر من القضاة وتمثيل المجتمع ) ، رئيس الادعاء العام هو عضو في مجلس القضاء الاعلى .
(4) هيئة الاشراف القضائي :
الجهة المسؤولة عن مراقبة سلوك القضاة والموظفين في جميع محاكم العراق (عدا المحكمة الدستورية ومحاكم اقليم كردستان) ورئيس الهيئة قاضي وهو عضو في مجلس القضاء الاعلى.
(5) محكمة الاستئناف :
هي أعلى هيئة قضائية وادارية في كل محافظة عراقية وهي ( 15) محافظة باستثناء العاصمة بغداد يوجد فيها محكمتين استئناف بمعنى يوجد (16) محكمة استئناف في العراق ( عدا محافظات اقليم كردستان لان النظام القضائي في اقليم كردستان مستقل عن النظام القضائي في العراق ) … ورئيس الاستئناف في كل محافظة ( يعتبر رئيس القضاة في المحافظة ) ويكون عضو في مجلس القضاء الاعلى .
ثانياً . القضاء الدستوري :-
وتمثله المحكمة الاتحادية وهي واحدة في العراق مقرها العاصمة بغداد وتتكون من رئيس و(8) اع

Comments are disabled.