مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ينظم ورشة عمل لمناقشة الاثار الاجتماعية والنفسية لظاهرة النزوح في العراق
وحدة اعلام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية
نظم مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد ورشة عمل لمناقشة الاثار الاجتماعية والنفسية لظاهرة النزوح في العراق حيث ناقشت الدكتورة سداد مولود سبع الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية كافة الجوانب الاجتماعية والنفسية لظاهرة النزوح التي شهدها العراق بعد عام 2015 .
مر العراق بعد منتصف العام 2014، بازمة اجتماعية وامنية ونفسية واقتصاية كبيرة بسبب ازمة النزوح التي تعرض لها العديد من المناطق التي خضعت لتنظيم داعش الارهابي ، والتي اوجدت ظاهرة اطلق عليها “النزوح” والتي نعني بها الاخراج الاجباري لشخص او افراد لمنزلهم قسرا وليس طوعاً بسبب الخوف الناشئ من النزاعات او الحروب او الكوارث الطبيعية وهي تعني الهجرة التي تحدث ضمن حدود البلد الوطنية. هذه الظاهرة التي عرفها المجتمع العراقي بعد العام 2014، فرضت على العديد من النازحين السكن في مخيمات اللجوء في مناطق متعججة من العراق كان اكبرها في محافظات كردستان العراق، ومحافظة بغداد، فضلا عن مخيمات في محافظة بابل.
المجتمع المستهدف في البحث هو نازحي المخيمات الذين عانوا ظروفا استثنائيه، جعلهم يمرون بنوع من الاستبعاد الاجتماعي الذي يقصد به الحرمان من المتطلبات الاساسية للحياة اليومية وخضوعهم الى ظروفا قاسية (الخوف، والفقر) واضطرارهم للتعايش مع هذه الاوضاع القاسية، في ظل عدم قدرتهم في التفاعل مع الاخرين ممن هم خارج مخيمات النزوح. بمعنى هي عملية انعزال الفرد عن الاخرين وعدم شاركتهم تفاعلاتهم الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية. الامر الذي ترك اثارا نفسية جراء هذا الوضع الاستثنائي، لذا فأن نازحي العراق عانوا من الاضرار النفسية التي اصابتهم التي كانت بسبب ظروف الهجرة غير الطبيعية وما عانوه من ظروف بيئية وصحية واجتماعية قاسية . فقد تعرض نازحي العراقي الى ضغوط لم تتضمنها المقاييس المعدة لقياس الضغوط النفسية، ومن هذه الضغوط هو ما تثيره الجماعات المسلحة من تهديد واستفزاز وقتل واستيلاء على الممتلكات والخطف والتعذيب على أساس طائفي وقومي عند سيطرتها على المدن والقرى أو عند القيام بعمليات انتحارية أو تفجير السيارات المفخخة أو العبوات مما يؤدي إلى الشعور بعدم الأمان نتيجة توقع الفرد بان حياته وأهله وممتلكاته ستكون عرضة للاقتحام او القتل في أية لحظة وانه معرض للقتل والأسر أو التعذيب في إي وقت، وهو ما يتنافى مع القيم والعادات والتقاليد العربية والإسلامية التي جبل الفرد العراقي عليها.
كذلك مــثل الــشعور بالــخوف والــهلع والحــزن والإحباط والــفشل والاكـــتئاب والـتوتر والقلق من المستقبل المجهول والخوف من مصادر الخطر وعدم الاطمئنان للآخرين وسهولة الإصابة بالأمراض الجسمية، ضغطا نفسيا مضاعفا على النازح لاسيما مع طول مدة النزوح، والظروف السيئة التي تنتظرهم في حال العودة من هدم للدور وحجم ودمار كبير في البنى التحتية والخدمية، مع تفخيخ العديد من المنازل ولاسيما في محافظة الانبار.
الى جانب الاثر النفسي كان هناك الضغط الاجتماعي فصعوبات المعيشية التي زادت من تفاقم المشكلة فصعوبات حياتهم شكلت تحدي كبير لم يتم تجازوه ولا تجاوز اثار لحد الوقت الراهن، حيث ذكرت منظمة الهجرة الدولية في تقريرها عن النازحين في العراق إن أهم المشكلات التي تواجه النازحين هو الحاجة إلى المأوى يليها التوظيف والطعام وان أغلبية النازحين داخلياً الذين شملهم تقرير منظمة الهجرة الدولية ونسبتهم 59% يسكنون في بيوت مؤجرة إلا أن مواردهم المالية تتضاءل مع الوقت وأسعار الإيجارات ترتفع، وان هناك حوالي 18% يعيشون مع عائلات أو أصدقاء في ظروف مزدحمة وان هناك حوالي نسبة 22% يعيشون في مستوطنات جماعية أو مباني عامة، كما أنهم معرضين للطرد من قبل السلطات المحلية أو أصحاب الأملاك، كما يعيش مئات الآلاف في مخيمات.
هذه الظروف المعيشية افتقرت الى الحاجات الاساسية كالمياه النظيف وشبكات الصرف الصحي والكهرباء جعلها عاملاً رئيسيا في الأزمة الإنسانية التي يتعرض لها النازحون داخليا، كما أشار التقرير إلى تدهور الرعاية الصحية لهؤلاء النازحين مما يزيد من إصابتهم بالأمراض الخطيرة. ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل تركت الاثار الاجتماعية تداعياتها على عدة مجالات في مقدمتها التعليم فعلى الرغم من الحلول السريعة التي وضعت لهم من قبل وزارتي التعليم العالي والتربية عبر الاستيعاب في الجامعات التي تم استضافتهم بها، او استدعاء موظفي التربية والتعليم كافة للعمل في غرفة عمليات خاصة بالطلبة النازحين في مناطق النزوح يضاف اليهم عدد من موظفي التربية والتعليم في مناطق النزوح. إلا ان الامر الصعب هو استحالة استيعاب مشكلة طلبة الثانويات والابتدائيات بسبب عدم قدرة المدارس على استيعابهم، هذا العدد الكبير من الطلاب. الجانب الاخطر في المشكلة اضطرار العديد من الطلاب الى ترك الدراسة والذهاب الى العمل بعد ان فقد ذويه رب الاسرة واصبح الاطفال هم من يتكفلون بأعالة عوائلهم، وهنا نشا جيل أمي غير متعلم سيكون لها اثار مستقبلية في مقدمتها صعوبة اندماجه اجتماعيا، كذلك يعيق عجلة التقدم لنشوء جيل غير متعلم في ظل التطورات العلمية المسارعة في العالم.
الاثر الاخر للجانب الاجتماعي هو الجانب الصحي فبسبب الاماكن التي يسكنها النازحون وتحديدا المخيمات، وبسبب عدم وجود تناسب بين مساحة المكان وعدد العوائل، ساهم وبسهولة في انتقال وتفشي الامراض السارية، فقد ظهرت امراض جلدية مختلفة والبعض الاخر لم يسبق لها ان ظهر في العراق بسبب الظروف المعيشية وغياب النظافة في تلك المخيمات. على الرغم من ان الدوائر الصحية في عموم العراق، استحداثت وحدة عمليات صحية خاصة بالنازحين في كل منطقة يتواجدون فيها، وركزت على الامراض التي يمكن ان تنشأ في اوساطهم، وتحويل المخصصات الصحية للمناطق التي نزحوا منها الى المناطق التي نزحوا اليها، من لقاحات وادوية، وتحديدا الادوية الخاصة بالامراض المزمنة، مثل السكري وضغط الدم وغيرها. وكما تم دمج المنتسبين في الدوائر الصحية في المناطق الساخنة، الا ان ذلك الجهد الحكومي الكبير لم يستطيع حل المشكلة لكونها نابعة من ظروفهم المعيشية، ولكون هذه الجهد كان بحاجة الى دعم دولي.
الاثر المجتمعي الاخر كان ضحيته المرأة التي فقدت المعيل بسبب القتل او الاختطاف والذي تحولت الى مسؤل عن عائلة في ظروف صعبه واستثنائية، تعرضت فيها لضغط كبير اضطرها الى الخروج للعمل او التسول لاجل توفير الغذاء البسيط لاولادها
ختاما : ما تم ذكره لا يمكن تجاوزه او حله مع عودة النازحين وذلك لكون تلك الظروف اثرت في سلوكيات وانماط العلاقات الاجتاعية واوجدت مجموعة اجتماعية لم تكن موجودة في العراق سابقا لا يمكن لهم دمجهم اجتماعيا لاسيما مع استمرار معاناتهم بسبب الفقر والبطالة التي لازالت تشكل عائق امام عودتهم لحياتهم السابقة.
وتشارك الباحثة الدكتورة سداد مولود سبع الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بعدد من المؤتمرات العلمية والندوات والمؤتمرات فضلا عن تنظيم الدورات العلمية الرصينة التي يشارك فيها باحثين من داخل وخارج المركز