وحدة اعلام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية

اقام قسم دراسة الازمات في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بجامعة بغداد حلقة نقاشية الكترونية ، تحت عنوان “

ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق بعد العام  2003 “

وتناول الدكتور علاء عبد الزاق الباحث والاكاديمي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في حلقته النقاشية التي شارك فيها رئيس القسم الدكتور باسم علي خريسان وعدد من اساتذة القسم تجارة البشر في العراق بعد 2003 وتجربته وتجريمه في منتصف القرن العشرين .

في ادناه نص الحلقة النقاشية

كان  الاتجار بالبشر ظاهرة موجودة  منذ  عصور سحيقة في القدم الا ان  تجريمه لم يجري الا  في منتصف القرن العشرين، وكانت العبودية  ظاهرة شائعة في عدد كبير من المجتمعات حتى ان العبيد كانوا أكثر عددا من الاحرار، ولم ينل العبيد حريتهم وحقوقهم الا بعد اعلان الرئيس الامريكي السادس عشر ابراهام لينكولن(1809-1864) الاعلان عن تحرير العبيد وخاض من اجل الوصول لهذا الهدف صراعا مريرا وحربا اهلية كادت تودي بالنظام السياسي الامريكي.

واليوم يحل الاتجار بالبشر في المرتبة الثالثة لأكبر عائدات الجريمة المنظمة في العالم بعد تجارة المخدرات والسلاح حيث تحقق انشطته ارباحاً طائلة تقدر بمليارات الدولارات كما يعد الاتجار بالبشر احد أهم انشطة عصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود حيث يعد هذا النوع من الجرائم ذا طبيعة خاصة كون سلعتها الاساسية هم البشر والذين تقودهم ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية تتجلى بعدم الاستقرار الامني في بلدانهم بسبب النزاعات والحروب الى الوقوع في براثن العصابات المنظمة للإتجار بالبشر عن طريق مغريات مادية  و وعود كاذبة بحياة افضل.

وتوضح التقارير التي توردها الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة والصادرة في العام 2006، عالمية الظاهرة في ضوء اتساع نطاق انشطة عصابات الجريمة المنظمة وعملياتها التي تقف وراء ظاهرة الاتجار بالبشر والتي غالبا ما تكون متعددة الجنسيات واوضحت هذه التقارير بانه لا توجد تقريباً اي دولة في العالم غير معنية بهذه المشكلة.

وعدد التقرير(127) دولة بمثابة دول المنشأ لهذه الظاهرة Origin Country للأفراد المتاجر بهم و(96) دولة عبور(Transit Country) و (137) دولة مقصد (Destination) حيث يتم استغلال الافراد المتاجر بهم في تجارة الجنس واعمال السخرة، واوضح التقرير ان  أكثر المناطق تأثراً بهذه التجارة هي اوروبا الشرقية واسيا، كما ذكر حجم الدخل المتأتي من هذه الجرائم بين (5-7) مليارات دولار سنوياً. ويمثل التقرير أول محاولة لعمل تحليل مقارن للأنماط العالمية لظاهرة الاتجار بالأفراد يغطي (161) دولة ومنطقة ادارية في الحقبة الممتدة من العام 1996 وحتى العام 2003.

تقوم جريمة الاتجار بالبشر على استغلال جملة من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية والنفسية للأشخاص والدخول عن طريقها من اجل استقطابهم وجعلهم ضحايا اتجار بالبشر كان يستغل الجاني عجز المجني عليه عن ابداء المقاومة او الاستغاثة نتيجة لمرض معين او قد يستغل الجاني الاطفال معدومي او ناقصي الاهلية لممارسة فعل الاتجار بالبشر عليهم او اعطاء او تلقي مبالغ مالية او مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على هؤلاء الاشخاص وهي تجاوز هؤلاء الاشخاص الحدود المرسومة له بشأن ممارسة سلطة ادبية ممنوحة له على شخص اخر مخالفاً بذلك القوانين والاعراف والعادات والتقاليد والثقافات المتبعة كان يجبر زوج زوجته على ممارسة غير اخلاقية.

ولقد عانى العراق من ظاهرة قد تكون قديمة وتصور الكثيرون انها انقرضت ولم تعد موجودة ذلك انها تذكر الانسانية بعصور خلت كان فيها الانسان يباع ويشترى ويصبح سلعة رخيصة تتناقلها ايادي السماسرة من بلد لبلد اخر. تلك الظاهرة هي ظاهرة الاتجار بالبشر

ولقد  استفحلت ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق، وعلى نحو غير مسبوق  بعد العام 2003 نتيجة للانفتاح الخارجي وعدم سيطرة الدولة وغياب سلطتها، وتنوعت أشكاله بين بيع الأعضاء البشرية والمتاجرة بالأطفال والنساء واستغلالهما جنسيًا، فضلًا عن استغلال خدم المنازل.

لقد أعادت هذه الظاهرة ا إلى الواجهة تجارة العبيد والرق، التي اندثرت منذ زمن بعيد، عوامل محلية عدة ساهمت بارتفاع ضحايا الاتجار، أبرزها الفقر والعوز، بالإضافة إلى غياب الإجراءات الرادعة لدى السلطات حتى باتت تعرف محليًا بالبضاعة الناعمة.

ولقد عزت الأمم المتحدة  أسباب زيادة عمليات الاتجار بالبشر في العراق إلى الصراع والحروب التي شهدها العراق والانفتاح الذي جرى بعد العام 2003 وعدم ضبط الاوضاع الامنية والذي فتح الباب على مصراعيه امام جملة من الظواهر ، والتي شملت   الاستغلال الجنسي والعمل القسري وعبودية النساء والفتيات على أيدي أفراد الجماعات المسلحة وتجنيد الأطفال وإجبارهم على التسول في الشوارع.

ولقد أفرزت الظاهرة عناوين شتى وتسميات كثيرة  تعرف جميعها بكونها وسائل تفضي للإتجار بالبشر في العراق، نساء وأطفال يستعبدون ويستغلون ويباعون ويشترون، وكأن الزمان يعود بالإنسان إلى العصر السحيق للاستعباد والرق.

وقد أصدر المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر تقريره الخاص لشهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يوثق فيه 13 جريمة اتجار بالبشر في بغداد والمحافظات، ما بين استغلال للأطفال في ظاهرة التسول في التقاطعات والأسواق، وتجارة الأعضاء البشرية، واستدراج النساء للعمل ضمن “شبكات الدعارة”.

المرصد أكد أن الأطفال ممن دون السادسة عشرة والنساء، يمثلون ثلثي ضحايا نوفمبر/تشرين الثاني. وأشار المرصد إلى أن (سماسرة) وتجارا وشخصيات نافذة في الحكومة متورطة في إيقاع الضحايا في شباك الاتجار، مستغلة بذلك نفوذها في مؤسسات أمنية.

ووثق المرصد ثلاث شبكات للإتجار بالبشر في بغداد، تعمل على استدراج الضحايا عن طريق صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، يديرها سماسرة يقتنصون ضحاياهم بأساليب تنطوي على نصب واحتيال، لانتزاع أعضائهم مقابل مبلغ مالي يصل إلى 7-10 ملايين دينار عراقي (حوالي 6-8 آلاف دولار)، لا يحصل الضحية منها سوى على 10%.

ويتعهد من يطبق على نفسه “المعتمد الطبي” بتوفير أوراق ثبوتية مزورة وولي أمر غير حقيقي، لضمان عبور اللجنة الخاصة بنقل وزرع الأعضاء، التي تأخذ في الغالب رشى مالية تبلغ 3-5 ملايين دينار عراقي، أما ما يخص استغلال النساء في الدعارة فيكون ذلك بمبالغ مالية كبيرة.

ونتيجة اتساع ظاهر الاتجار بالبشر في العراق بعد عام 2003، سارعت السلطات الحكومية إلى إصدار قانون مكافحة الاتّجار بالبشر رقم 28 لعام 2012 الذي أقرّه البرلمان العراقي.

وعلى الرغم من إقرار هذه القانون ووضع آليات مراقبة ومحاسبة له، فإن الواقع يشير إلى انتشار هذه التجارة التي تسمى بالبضاعة الناعمة في العراق.

وفقا لإحصائية أوردها مجلس القضاء العراقي، فقد جاءت العاصمة بغداد في المرتبة الأولى في جرائم الاتجار بالبشر، تليها محافظات أخرى مثل أربيل والسليمانية والديوانية وبابل.

وكانت السلطات العراقية كشفت في نهاية عام 2017 عن إجراء تحقيقات في 266 حالة اتجار بالبشر، مؤكدة أنها أقل مما كانت عليه عام 2016 حيث بلغت 314 حالة.ولنا ان نتساءل عن الاسباب التي أدت لبروز مثل هذه الظاهرة أسباب الانتشاروالواقع ان هنالك  ثمة أسباب كثيرة لانتشار الاتجار بالبشر، منها الإفلات من العقاب، ووجود سماسرة يمتهنون هذه التجارة، وأسباب أخرى اقتصادية ضاغطة.

كل هذا يعقد المسألة طبقاً لما  صرحت به  منظمة هيومن رايتس ووتش( Human Rights Watch) المعنية بحقوق الإنسان، والتي ربطت الانفلات الأمنيّ والفساد المستشريّ في البلاد بالإتجار بالبشر.

ولقد أكدت  منظمات متخصصة بان  العراق أصبح مسرحًا لجميع أشكال الجرائم بدءًا من استغلال الأطفال والنساء في العمل، وانتهاءً ببيع الأعضاء البشرية، وأن المناطق الفقيرة والنائية باتت ساحة مواتية للعصابات إذ تعمد إلى اقتناصهم وإغوائهم، وسلاح الجريمة ورأس مالها في كل هذا هو الفقر.

وحذرت التقارير الدولية والأممية من تنامي ظاهرة الاتجار بالبشر، وكان أخر التحذيرات وضع العراق في المستوى الثاني للمراقبة للسنة الثانية على التوالي، بحسب تقرير وزارة الخارجية الأميركية في يونيو/حزيران 2018.

معالجة الظاهرة أدوات وحلول

لابد من القول ان معالجة اي ظاهرة خطيرة مثل ظاهرة الاتجار بالبشر تستدعي معالجة المسببات التي ادت لاستفحالها ولعل أهمها الفقر والبطالة والمرتبط أصلا بفساد الطبقة السياسية المهيمنة في العراق واثرائهم غير المشروع وتسهيل بعضهم لعمل جملة من المافيات المنظمة والتي ترتبط بجهات خارجية تعمل على ادامة هذه الظاهرة والحيلولة دون تطبيق اي اجراءات رادعة تحول دون استمرارها.

ويفترض ان تجري جملة من منظمات المجتمع المدني سيما تلك المعنية بحقوق الانسان حملة توعية ترمي للمخاطر المترتبة على هذه الظاهرة من نواح الحفاظ على بنية الاسرة العراقية وتحصين الاسر التي ترزح تحت خط الفقر من الوقوع في براثن المتجرين بالبشر وذلك عن طريق ارساء

Comments are disabled.