“سياسة التعليم في ظل جائحة كورونا “عنوان الندوة العلمية التي اقامها قسم قسم السياسات العامة في مركزنا
شيماء فاضل : وحدة اعلام المركز
اقام قسم السياسات العامة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بجامعة بغداد ندوة علمية تحت عنوان ” قسم السياسات العامة ” شارك فيها رئيس القسم وعدد من الباحثين في المركز .
حيث قدمت م. م. مها قيس جابر الباحثة في قسم السياسات العامة ورقة بحثية مفصلة عن جائحة كورونا التي ضربت اغلب مدن العالم .
نص الورقة البحثية : لم تقتصر التاثيرات السلبية لجائحة كورونا على الاوضاع الاقتصادية العالمية فحسب، بل طالت مجالات اخرى عديدة ومنها المجالات التعليمية، فقد طال تأثير الجائحة النظمَ التعليمية في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى إغلاق المدارس والجامعات على نطاق واسع. في 16 اذار عام 2020، أعلنت الحكومات في 73 دولة إغلاق المدارس، بما في ذلك 56 دولة أغلقت المدارس في جميع أنحاء البلاد و17 دولة أغلقت المدارس داخل نطاق محدد. أثر إغلاق المدارس على مستوى الدولة في أكثر من 421 مليون متعلم على مستوى العالم، بينما عرض الإغلاق محدود النطاق للمدارس 577 مليون متعلم للخطر. ووفقًا للبيانات الصادرة عن اليونسكو، فإن إغلاق المدارس والجامعات بسبب انتشار فيروس كوفيد-19 ترك واحدًا من كل خمسة طلاب خارج المدرسة على مستوى العالم.
وعلى مستوى العراق، فقد عانت العملية التعليمية ايضا من التاثيرات المختلفة بسبب الجائحة ولذلك جاءت السياسات التعليمية التي اتبعتها وزارتي التربية والتعليم العالي لتتفاعلان مع تلك الاثار بما يفيد بتحديد سلبياتها والتعامل معها برؤية حديثة تتوائم وما يحدث عالميا امكانية جعله نتائجها وسيلة نحو تطوير التعليم الاكتروني بشكل يلاحق التطورات على صعيد العالم.
ويؤثر إغلاق المدراس في على ما يزيد عن 11 مليون طفل. وعلى الرغم من أن خيارات التعلم عن بعد متاحة، فليس الكل قادرون دائما على الاستفادة منها. ففي المناطق الريفية الريفية يعد الاتصال بالإنترنت أمرا ليس سهلا، وهناك العديد من الأطفال الذين يكابدون في ظل جائحة فيروس كورونا لاكتساب المهارات الأولية الأساسية للقراءة والكتابة والتي هي بدورها أساسية للتعلم ومواصلة مسارهم التعليمي. وتلخصت سنوات من الصراع بانعدام الكفاءة في النظام التعليمي في العراق مما أدى الى العجز عن توصيل المهارات الأساسية والتعليم المطلوب للنجاح في الحياة. وخلص مسح لتقييم مهارات القراءة في الصفوف الأولى إلى أن الغالبية العظمى من الطلاب العراقيين في الصفين الثاني والثالث لم يستوعبوا المواد الملائمة لأعمارهم. كما خلص مسح اخر اجرته منظمة اليونيسف إلى أن 75% فقط من الأطفال في المدارس الابتدائية وأقل من 50% في المدارس الثانية قد أتموا فعليا الدراسة. ويشكل إغلاق المدارس حالياً تهديداً وذلك بسبب تسرب المزيد من الأطفال من المدارس، خاصة في المناطق الريفية وبين الأطفال المنتمين للأسر الأشد فقرا. وكما هو الحال في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، فإن الأزمة على الأرجح ستفاقم انعدام المساواة في التعليم. وتقدم وزارة التعليم العراقية المناهج التعليمية عبر منصة إلكترونية وبرامج تلفزيونية، لكن التركيز ينصب في الأغلب على الطلاب في المراحل المنتهية. ولا ريب أن هذا يأتي أيضا في صالح الأطفال المتاح لهم استخدام التكنولوجيا.
وحتى قبل تفشي جائحة فيروس كورونا، فإن أطفال العراق كانوا متخلفين كثيرا عن نظرائهم من حيث تنمية رأس المال البشري الذي يقاس بمؤشر البنك الدولي لرأس المال البشري. وسيحقق الطفل المولود في العراق 41% فقط في المتوسط من قدراته الإنتاجية حين يكبر.
أما على الجانب الإيجابي، فإن العملية التعليمية بجميع مراحلها لم تتوقف في العراق وفي معظم الدول، وذلك بعد وضع خطة بديلة للتحول الرقمي في التعليم، وإن كانت العملية بها بعض العيوب، ويرجع جزء من ذلك النجاح، إلى الاستعدادات المتبعة بواسطة وزارة التربية والتعليم، وكذلك الحال في مراحل التعليم العالي المختلفة بسبب تطبيق الجامعات الخاصة والحكومية للدراسة الإلكترونية، إلى أن هناك العديد من المشاكل لازالت تتعلق بهذا الملف، وستؤثر حتماً على خطط التنمية المستدامة أثناء تعديلها للفترة المقبلة، من هذه المشاكل ضعف البنية التحتية وبطء سرعة الإنترنت في العراق والعالم بعد زيادة معدلات الاستخدام سواء للعمل والدراسة أو الترفيه أو التواصل الاجتماعي.
لقد أجبرت أزمة فيروس كورونا الجامعات على مواجهة تحديات طويلة الأمد في ميدان التعليم العالي، ومنها التكاليف الباهظة للتعليم الإلكتروني وتوقعات نتائج هذا التغيير الذي قد يستمر طويلًا، إذ ستستمر الجامعات بالدروس التعليمية على الإنترنت فترة طويلة مثلما يحدث حاليًا، وتعَد الجامعات التي ستقدم أفضل تعليم إلكتروني الجامعات الأكثر قدرةً ماليةً وتعليميةً، لكن حتى هذه الجامعات تواجه تحديات في هذا المجال، فمثلًا ينشر معهد ماساشوستس لتكنولوجيا في كامبردج عددًا من الدورات التعليمية المجانية على الإنترنت منذ عام 2002، ومع ذلك عانى الأساتذة الأكاديميون لتوفير موادهم الدراسية على شبكة الإنترنت في أثناء فترة الجائحة، وذلك وفقًا لسانجاي سارما نائب رئيس الجامعة للتعليم المفتوح. وأضاف أيضًا أن العديد من المعاهد التعليمية استنتجت أن إيصال المواد العلمية عبر المنصات الإلكترونية ليس أفضل طريقة لتعليم الطلبة، وقال: “انتقال الجامعات إلى تطبيق زوم ليس طريقة التعليم الإلكتروني المُثلى”.
ويستطيع العراق أن يستخلص دروسا من الأزمة الصحية الحالية كي يحول التعافي إلى فرصة لإعادة البناء على نحو أفضل. ويحتاج العراق أكثر من أي وقت مضى إلى حماية التعليم من أجل الأطفال الأشد فقرا والأكثر حرمانا في الوقت الراهن. ويقترح البنك الدولي ثلاث مراحل للاستجابة على مستوى السياسات: (1) التكيف: الاستجابة الطارئة للتعليم حيث ستبقي الأطفال آمنين وتدعم استمرار التعليم في آنٍ واحد؛ و(2) إدارة الاستمرارية: مع إعادة فتح المدارس، يحتاج العراق لضمان السلامة، وخفض تسرب الطلاب إلى الحد الأدنى وبدء تعافي عملية التعلم لاستعادة قدرة التعليم على بناء الرأس المال البشري، و(3) التحسين وتسريع الوتيرة: استغلال الفرص الجديدة لإعادة بناء الأنظمة التعليمية على نحو أقوى وأكثر مساواة مقارنة مع الوضع في السابق.
إن استخدام مناهج مبتكرة للتعليم أمر ضروري للحد من الخسائر التعليمية وبناء نظام تعليمي متين يضمن التعليم لجميع أطفال العراق. فمن الضروري أن نذكر بأن نطاق تغطية البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في العراق محدود، وحتى الوصول إليها يتسم بعدم المساواة بشكل كبير. وتعد الحلول المحلية المجتمعية لتقديم الخدمة التعليمية أمرا ملحاً لضمان التعليم للجميع. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام نهج يمزج بين توصيل المحتوى عبر الإنترنت والوسائل غير الإلكترونية والذي يمكنه أن يوفر لدى الأطفال في الفئات الأكثر حرماناً القدرة على مواصلة التّعلم. ويمكن لمثل هذا الدعم الاستفادة من تكنولوجيا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأكثر انتشارا، ومنها الهواتف المحمولة، التي تملكها 99% من الأسر، ويجب أن ينصب التركيز الأساسي في المدارس الابتدائية على مواد القراءة للطلاب، ومواد التدريس وتدريب المعلمين لتعزيز المهارات الأساسية للقراءة والكتابة.
وفي التعليم الثانوي، فإن المناهج المبتكرة يمكن أن تدعم التعلم الذاتي للشباب، عبر إنشاء محتوى تعليمي مكمل يتسم بالجودة للطلاب، بينما يتم دعم التعليم وتدريس المهارات الحياتية والمتصلة بفرص العمل. كما يجب أن يتم توفير شبكات أمان ملائمة، على سبيل المثال عبر برامج التحويلات النقدية، وذلك لدعم الأطفال من الفئات الأكثر حرماناً ولضمان عدم تسربهم من التعليم وللتأكد من إحراز تقدم طوال فترة وجودهم داخل النظام التعليمي.