اقام قسم الدراسات الافريقية بمركز الدراسات الدولية سيمنار بعنوان”ايران وافريقيا” القاه كل من القاه كل من (أ.م.د. خلود محمد خميس) بمحور حمل عنوان (السياسة الايرانية تجاه شرق افريقيا)، و (م.د. سداد مولود سبع) بمحور جاء تحت عنوان (ايران ومصر: امكانيات التعاون في ظل التطورات الاقليمية)، و (م.د. إياد عبدالكريم مجيد)، بمحور حمل عنوان (العلاقات الايرانية – الافريقية وآفاقها المستقبلية) وقد ترأس الجلسة (أ.م.د. خيري عبدالرزاق جاسم) وذلك يوم الثلاثاء الموافق 29-11-2011، وقد بلغ عدد الذين ساهموا في التعقيب على محاور الندوة (8) باحثين في حين بلغ عدد الحضور (28) باحث وباحثة مختصون بالشؤون السياسية
ايران وافريقيا
تقديم:
تعد إيران احدى المهمة على الصعيد الاسيوي والاقليمي، إذ تتمتع بموقع استراتيجي هام وبأمكانيات وقدرات اقتصادية وبشرية كبيرة جداً، اتاح لها، رغم الضغوط التي تتعرض لها من قبل القوى الكبرى حتى لا تضطلع بدورها المنشود في منطقة الشرق الأوسط، امكانية التحرك على الصعيد الاقليمي ولذلك لاجل امتلاك أوراق جديدة تستخدمها سياسياً لتحقيق اهداف سياستها الخارجية. لهذ فقد انفتحت إيران على إفريقيا سياسياً وثقافياً واقتصادياً لما لها من امكانات ومميزات جعلت الدول الغربية والصاعدة تتسابق إليها. لذلك نجد إن السياسة الخارجية الإيرانية تحاول، ومنذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، فتح مزيد من دوائر التعاون مع كافة التجمعات، سواء كانت إفريقية أم عربية وخليجية وغيرها، وإن هذا النشاط يسير بالتوازي مع الضغوط الغربية والأمريكية بسبب برنامجها النووي، وتهدف من هذه التحركات إلى كسب مزيد من التأييد الدولي لمواقفها، وإرسال رسالة إلى الدوائر الغربية تحديداً مفادها أن لديها القدرة على الانفتاح، لتغيير الصورة النمطية عنها والتي تصفها دائمًا بالتشدد.
وقد مثلت الثورة الإيرانية عام 1979، الحدث الذي كان له الاثر الاكبر على سياستها الخارجية بسبب التغيير الذي اصاب الداخل إلايراني وفي رؤيتها للعالم الخارجي ولتغير خريطة الحلفاء والخصوم في البيئة الدولية والإقليمية، وفي مرحلة ما بعد الخميني وما بعد الحرب الإيرانية العراقية، عملت السياسة الخارجية الإيرانية على المساعدة في تحقيق الأهداف الاقتصادية في محاولة لتنمية التجارة والاستثمار الأجنبي الذى تحتاجه إيران بشدة لإعادة بناء ما دمرته الحرب. فكان شعار رافسنجاني الرئيسي هو “البناء”، وأصبح الانفتاح على الخارج غاية هامة لجذب استثمارات أجنبية توقف تدهور الوضع الاقتصادي وتحافظ على بقاء النظام نفسه. استمرت أهمية البعد الاقتصادي في ظل خاتمي فتم التركيز على نقل التكنولوجيا وتطوير التجارة ولكن تحت مفهوم أشمل للتنمية يحوي ليس فقط الأبعاد السياسية بل الثقافية أيضا والتي استخدمتها إدارة خاتمي بكفاءة من أجل الحفاظ على جسور الحوار ممدودة مع الدول التي يتعثر تطوير العلاقة معها بالشكل الذي تطمح إليه إيران.
لقد حدث تحول في أهداف السياسة الإيرانية من مجرد محاولة مواجهة الظروف المحلية الطارئة وتلبية الاحتياجات في ظل معطيات الوضع القائم إلى محاولة معرفة الظروف الدولية، بحيث لم تعد السياسة الخارجية الإيرانية تقوم على رفض أو تأييد شيء وإنما بناء على موقف مدروس وتحليلها الخاص للمجتمع الدولي فهو اتجاه جديد يختلف عما كان سائداً في العهود السابقة ويسعى إلى تقديم رؤية إيرانية للنظام الدولي ودور إيران فيه. إذ انتقلت تلك السياسة من مجرد كونها سلسلة من ردود الأفعال إلى مرحلة الصياغة الحقيقية التي لها خططتها المستقبلية. وفي هذا السياق طرحت إيران مفهوم حوار الحضارات الذي نجح في إعادة السياسة الخارجية إلى مسارها الثقافي الصحيح بخلاف ما كان سائداً في الماضي من تركيز على الجانب الاقتصادي فقط. أصبح يقوم توجه صانع القرار الإيراني نحو العالم الخارجي على إستراتيجية ثقافية تنطلق من محاولة الترويج للثقافة والحضارة الإيرانية من أجل مزيد من النجاح في سياسة الانفتاح على العالم . ولعل من أهم دوائر الانفتاح الايراني على العالم الخارجي هو التوجه نحو القارة الافريقية، إذ بدأت ايران تبحث عن أدوات جديدة لإحياء وتدعيم أدوارها الإقليمية. ويمثل التوجه نحو إفريقيا احدى سياستها المهمة التي تحاول من خلالها استعادة أمجادها الإمبراطورية القائمة على اعتبارات تاريخية أو أيدولوجية. لذا فان التحرك الايراني سياسياً ودبلوماسياً تجاه العواصم والمدن الإفريقية ازداد بشكل كبير جداً، وتسعى إيران إلى تكثيف وجودها في العديد من الدول الإفريقية خاصةً جنوب الصحراء كما فعلت مع دول أمريكا اللاتينية لتحقيق العديد من المصالح وكسب أصدقاء جدد لهم إسهامهم في السياسة الدولية بطرق وأساليب ووسائل متعددة. والملاحظ أن التوجه الايراني نحو إفريقيا خلال السنوات الأولى للثورة الإيرانية كان يختلف اختلافاً كبيراً عن التوجه الحالي الذي تتبناه حكومة الرئيس أحمدي نجاد. إذ كانت إيران الثورة تنظر إلى إفريقيا بانها قارة المستضعفين، وأنها بحاجة إلى مد يد العون لها في مجالات الصحة والإعمار وغيرها من المساعدات الإنسانية. وطوال فترة الحرب العراقية الإيرانية التي امتدت لنحو ثماني سنوات كانت إيران تنظر إلى إفريقيا من خلال منظور أيدولوجي مختلف. فإفريقيا تمثل ثلث مقاعد الأمم المتحدة وتشكل نصف مجموعة عدم الانحياز، وهو ما يعني أنها تمثل حليفاً محتملاً لإيران. كما أنها في الوقت ذاته تمثل ساحة مناسبة لتبني أفكار الثورة الإيرانية. وقد تم تجسيد هذا التوجه الإيراني الجديد تجاه إفريقيا في ظل حكم الرئيس هاشمي رفسنجاني، حيث قام في عام 1996 مع وفد رفيع المستوى مكون من محافظ البنك المركزي ووزراء المجموعة الاقتصادية بزيارة لست دول إفريقية. واستمر هذا التوجه الإيراني نحو دعم العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا في ظل حكومة الرئيس محمد خاتمي الإصلاحية. وقد تصاعدت اهتمامات الدبلوماسية الإيرانية الموجهة لإفريقيا بشكل واضح في ظل حكم الرئيس أحمدي نجاد. ففي عام 2009 وحده قام كبار المسؤولين الإيرانيين بأكثر من عشرين زيارة لإفريقيا. وتحاول الدبلوماسية الإيرانية كسر الحصار الغربي المفروض عليها من خلال اكتساب مناطق نفوذ جديدة في إفريقيا.
وتسعى إيران من خلال اهتمامها بإفريقيا إلى تحقيق عدد من الأهداف التي تتمثل في: حشد التأييد الأفريقي وتفعيل الدور الإقليمي في مواجهة المخططات الأمريكية الرامية إلى محاصرة إيران وعزلها دولياً، وتأكيد جدارة إيران بلعب دور قوي في القارة ينافس القوى الإقليمية الأخرى ويقطع الطريق على المحاولات الأمريكية الإسرائيلية لإفساد العلاقات الإيرانية الإفريقية، كذلك تدعيم المصالح الاقتصادية الايرانية، إذ تزخر القارة الإفريقية باحتياطات يعتد بها من المواد الخام الطبيعية. كما أنها تصدر بعض المواد التعدينية والمحاصيل الزراعية إلى السوق الايرانية. وهي أيضاً تمثل- بثقلها السكاني ومساحتها- سوقًا واسعة لتسويق المنتجات الإيرانية التي تلقى رواجاً كبيراً في إفريقيا. وفي هذا السياق ركزت إيران دوماً على فتح آفاق جديدة للاستثمار والتجارة الإيرانية في القارة، مع العمل على تنسيق السياسات الاقتصادية مع الدول الأفريقية. ومن أمثلة ذلك السعى لتأمين الاحتياجات الإيرانية من القطن والذهب الذى تنتجه مالي، وتكثيف الاستثمار في قطاعات الزراعة والطاقة والكهرباء في كل من السنغال وزيمبابوي وسيراليون وأوغندا وبنين ومالي، والتنسيق مع نيجيريا فيما يتعلق بتحديد أسعار النفط ، وتفعيل منظمة أوبك لتعبر قراراتها عن الدول المنتجة وليست المستهلكة للنفط، وتعزيز التبادل التجاري بين دول الـ ٧٧ التي شارك الرئيس النيجيرى الاسبق اولوسيغون أوباسانجو في تأسيسها، كأحد أكبر المجموعات الاقتصادية في العالم. كما وتسعى ايران من خلال تحركها نحو افريقيا الى الترويج لمبادئ السياسة الخارجية الإيرانية التي تقوم على التعايش السلمي والحوار بين الحضارات، والسعى لبناء عالم يعيش فى وئام بما يضمه منثقافات مختلفة، والعمل على إنهاء الكراهية والمواجهات بين الشعوب، وإزالة أسباب التوتر بين إيران والدول الأخرى، وإعادة تأسيس العلاقات الدولية الإيرانية على أساس مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية والمساواة والاحترام المتبادل، والحرص على تسوية الصراعات الدولية والإقليمية عبر الآليات السلمية، وعدم اللجوء إلى الإرهاب والعنف.
وعليه فان القيادات الايرانية تحرص من خلال جولاتها الأفريقية على تأكيد عدد من المرتكزات الأساسية للسياسة الإيرانية فى إفريقيا ومن أهمها:-
1- إبراز الصورة القومية للدولة الإيرانية كنموذج تنموي.
2- التأكيد قدرات إيران كشريك تنموى مع إفريقيا قادر على طرح المبادرات وتقديم المساعدات اللازمة لدعم العملية التنموية فى القارة الإفريقية، وفقًا لمبادئ الاتحاد الإفريقى.
3- إظهار التضامن الإيرانى مع القضايا الإفريقية.
4- تنشيط دور المجتمع المدنى فى تفعيل العلاقات الإيرانية الإفريقية.
ولالقاء الضوء بشكل دقيق على العلاقات الايرانية الافريقية، فقد اقام قسم الدراسات الافريقية سمنربعنوان “ايران وافريقيا” القاه كل من (أ.م.د. خلود محمد خميس) بمحور حمل عنوان (السياسة الايرانية تجاه شرق افريقيا)، و (م.د. سداد مولود) بمحور جاء تحت عنوان (ايران ومصر: امكانيات التعاون في ظل التطورات الاقليمية)، و (م.د. إياد عبدالكريم)، بمحور حمل عنوان (العلاقات الايرانية – الافريقية وآفاقها المستقبلية) وقد ترأس الجلسة (أ.م.د. خيري عبدالرزاق جاسم) وذلك يوم الثلاثاء الموافق 29-11-2011، على قاعة بابل بمركز الدراسات الدولية