وحدة اعلام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية 

نظم قسم دراسات الازمات في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بجامعة بغداد ورشة عمل الكترونية تحت عنوان ” دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر التطرف والارهاب” والتي القها الاستاذ محمد رشيد الباحث والاكاديمي في مركزنا وبمشاركة كل من رئيس القسم الدكتور باسم علي خريسان واساتذة القسم .

ادناه نص ورشة العمل ..

نقل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي الإعلام إلى آفاق غير مسبوقة، وأعطى مستخدميه فرصاً كبرى للتأثير والانتقال عبر الحدود بلا قيود ولا رقابة إلا بشكل نسبي محدود. إذ أوجد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي قنوات للبث المباشر من جمهورها في تطور يوقف احتكار صناعة الرسالة الإعلامية لينقلها إلى مدى  أوسع وأكثر شمولية، وبقدرة تأثيرية وتفاعلية لم يتصوّرها خبراء الاتصال. ان مفهوم “مواقع التواصل الاجتماعي مثير للجدل، نظرا لتداخل الآراء والاتجاهات في دراسته. عكَس هذا المفهوم، التطور التقني الذي طرأ على استخدام التكنولوجيا، وأُطلق على كل ما يمكن استخدامه من قبل الأفراد والجماعات على الشبكة العنكبوتية العملاقة. فهو الطرق الجديدة في الاتصال في البيئة الرقمية بما يسمح للمجموعات الأصغر من الناس بإمكانية الإلتقاء والتجمع على الإنترنت وتبادل المنافع والمعلومات، وهي بيئة تسمح للإفراد والمجموعات بإسماع صوتهم وصوت مجتمعاتهم إلى العالم اجمع. وتعرف مواقع التواصل الاجتماعية بانها منظومة من الشبكات الإلكترونيّة التي تسمح للمشترك فيها بإنشاء موقع خاص به، و من ثم ربطه عن طريق نظام اجتماعي إلكتروني مع أعضاء آخرين لديهم الإهتمامات والهوايات نفسها. ويمكن تقسيم مواقع التواصل الاجتماعي بالاعتماد على التعريفات السابقة الى الاقسام الآتية:

1- شبكة الانترنت Online وتطبيقاتها، مثل الفيس بوك، وتويتر، اليوتيوب، والمدونات، ومواقع الدردشة، والبريد الالكتروني.

2- تطبيقات قائمة على الادوات المحمولة المختلفة ومنها اجهزة الهاتف الذكية والمساعدات الرقمية الشخصية وغيرها.

3- انواع قائمة على منصة الوسائل التقليدية مثل الراديو والتلفزيون “مواقع التواصل الاجتماعي للقنوات والاذاعات والبرامج” التي اضيفت اليها ميزات مثل التفاعلية والرقمية والاستجابة للطلب. لقد ادى التطور الحادث في استخدام  الانترنت وبخاصة شبكات التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في نشر التطرف والارهاب ويعرف مفهوم التطرف بأنه كل ما يؤدي إلى الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والأساليب السلوكية الشائعة في المجتمع، مُعبراً عنه بالعزلة أو بالسلبية والانسحاب، أو تبني قِيَم ومعايير مختلفة قد يصل الدفاع عنها إلى الاتجاه نحو العنف في شكل فردي أو سلوك جماعي منظم، بهدف إحداث التغير في المجتمع وفرض الرأي بقوة على الآخرين وبهذا التوصيف فلا أحسن من شبكة الانترنت لمخالفة القيم والتعبير عن هذه المخالفات والدعوة لها من خلال البث الصوتي والنصوص والأفلام واحداث الضجيج للتعبير عن الأفكار التي يرى صاحبها اهمية ايصالها للناس.

والتطرف وفقا للمفاهيم الثقافية والأيدلوجية قد يتحول من مجرد فكر إلى سلوك ظاهري أو عمل سياسي، يلجأ عادة إلى استخدام العنف كوسيلة إلى تحقيق المبادئ التي يؤمن بها الفكر المتطرف، أو اللجوء إلى الإرهاب النفسي أو المادي أو الفكري ضد كل ما يقف عقبة في طريق تحقيق تلك المبادئ والأفكار التي ينادي بها هذا الفكر المتطرف. إن الجماعات المتطرفة كانت من اوائل الجماعات الفكرية التي دخلت العالم الالكتروني حتى قبل أن تظهر شبكة الانترنت بسنوات. ومما تشير اليه المصادر الغربية أن « Tom Metzger » أحد اشهر المتطرفين الأمريكيين العنصريين )اليمين المتطرف ( ومؤسس مجموعة المقاومة الاريانية البيضاء” White Aryan Resistance ” كان من اوائل من اسس مجموعة بريدية الكترونية ليتواصل مع اتباعه ويبث افكاره سنة 1985 م أن المجموعات البريدية  الالكترونية كانت الأكثر توظيفا من قبل الجماعات العرقية المتطرفة قبل ظهور الانترنت التجاري وربما ظلت على هذا النمط حتى ما بعد منتصف التسعينيات.وقد عُرفت جماعات كثيرة شبكات المعلومات ما قبل الانترنت مثل مجموعة المتطرف الأمريكي دان جانوون  Gannon الذي يعد بحسب المصادر الغربية أول من أنشأ موقعا متطرفا يبث من خلاله افكاره العنصرية عن نقاء العرق الأبيض في شهر ديسمبر 1991 مع ولادة الانترنت في الولايات المتحدة. وتلي ذلك عدة مجموعات اشتهر منها بعد ذلك مجموعة «جبهة العاصفة Storm front» الأمريكية المسيحية المتطرفة بقيادة «Don Black» التي أنشأت اول موقع متكامل عن التطرف وثقافة الكراهية في مارس سنة 1995 .

وقد تعاقب ظهور مواقع تابعة لجماعات متطرفة من الولايات المتحدة واوروبا وبشكل خاص بريطانيا واستراليا ثم بقية دول العالم. وفي كل هذه المراحل كانت الانترنت في عمق دائرة ترويج ثقافة التطرف والعنف معبرة عن افكار المهمشين والمتطرفين الصاخبين من كل ملة وجنس وفي العالم الاسلامي أسهمت شبكة الانترنت بشكل واضح في بسط نفوذ التطرف الفكري لمختلف التيارات من خلال المواقع والمنتديات التي تديرها الجماعات والرموز المتطرفة التي تقدم منتجاتها الفكرية وفق خطاب جاذب مستغلين في ذلك الواقع المر في كثير من مجتمعات العالمين العربي والإسلامي. ومع أن التطرف لا دين له ولا جنس، الا أن ما اصاب المسلمين من شرور التطرف في العقود الماضية خاصة حين قاد الى العنف يتجاوز ما حصل لبقية شعوب الأرض.ففي المجتمع العربي كانت تأثيرات تلك المواقع قد بدأت تتشكّل حين وفّرت الانترنت فضاء حرّا لنشر كل ممنوع منذ بداياتها الأولى لتصبح مع مطلع الألفية الثانية الوسيلة الأبرز في الترويج للتطرف والعنف والكراهية ما جعل من المتطرفين سادة المشهد الالكتروني خاصة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر.وقد ظهرت العديد من الاحصائيات العربية والغربية حول عدد المواقع المتطرفة الا انها في معظمها لا تخلو من المبالغة وعدم المنهجية اذ تعتبر بعض الدراسات كل من يؤصل للجهاد متطرفا وباحثون اخرون يضعون كل موقع يدعو لطرد ومقاومة الاحتلال الأمريكي أو الاسرائيلي في باب التطرف مع أن بعضها يغلب عليها الطرح القومي او الشعبي او الإسلامي المعتدل. ان ما ينتهجه اعضاء تلك الجماعات المتطرفة ليس بجديد ولكن يجب في ظل الفهم الحالي للتأثير الكبير للرسالة الاعلامية التي يتم ترويجها على مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي وضع استراتيجية موحدة ومحكمة لمواجهه هذه الجماعات المتطرفة التي تقوم بتجنيد الارهابيين من خلال اقناعهم بالفكر الارهابي عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الترويج للفكر المعتدل وبيان ضلال هذه الافكار وانها ليست من صحيح الدين بالإضافة للدور الامني في هذا الاطار من تتبع هذه المواقع ورصد ما يدور فيها والتنسيق مع المجتمع الدولي لضبط العناصر التي تقوم بنشر الفكر الارهابي ومنهج العنف ضد البنى التحتية للدول والابرياء من الناس اللذين تستهدفهم تلك العمليات الارهابية لمجرد ذيوع الصيت ونشر الفكر واستعراض القوة.وضرورة تفعيل آليات التعاون الدولي في مجال التدريب الامني على مكافحة الجرائم المعلوماتية وبخاصة المرتبطة بالارهاب وتجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي نظرا لما تتضمنه من خطورة على الامن القومي العالمي والوطني والاقليمي مما يتطلب التكاتف من اجل مكافحته بوضع آليات تعاون دولية ناجزة وتحديد نقاط اتصال لتبادل المعلومات بسهولة ويسر دون ارتباط بالقوانين والاجراءات المنظمة لذلك وإعلاء الامن القومي واعتبار تلك الجرائم من الجرائم الماسة بأمن الدولة .

Comments are disabled.